من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام العلم وراثة كريمة، واﻵدب حلل مجددة، والفكر مرآة صافية، وعنه عليه السلام العلم يرشدك الى ما أمرك الله به، والزهد يسهل لك الطريق إليه. وعنه عليه السلام العلم زين الاغنياء وغنى الفقراء. العلم خير من المال. وعنه عليه السلام كمال العلم الحلم وكمال الحلم كثرة الحلم والكظم. وعنه عليه السلام جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه.

مقالات

 العلاقة بين تعليم الكبار ومحو الأمية‏

يعتبر محو الأمية ركنا مهما وأحد المشتملات الأساسية لبرامج تعليم الكبار في الوطن العربي خاصة، وفي الدول النامية بوجه عام، حيث تمثل الأمية تحديا خطيرا يواجه هذه الأمم في مسيرتها نحو التنمية والتقدم. لذلك وضعت البرامج الوطنية والدولية في مقدمة خططها وأهدافها- منذ النصف الثاني من القرن العشرين- ضرورة مواجهة مشكلة الأمية باعتبارها من أصعب العوائق التي تعترض طريق التنمية.

ولقد أدرك العالم هذا الأمر بجلاء منذ أن قررت اليونسكو في المؤتمر العالمي لمحو الأمية المنعقد بطهران عام 1965م أن الأمية تشكل عائقا في طريق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بمكافحتها والقضاء عليها قضاء تام.

ومنذ ذلك الحين احتلت مشكلة الأمية مركز الاهتمام الأول على جميع المستويات المجتمعية، سواء لدى المجتمعات المتقدمة أو الآخذة في التقدم أو الساعية إليه، وتعرضت مشكلة الأمية في العالم لحملات مضادة تهدف إلى التخلص من هذا الخطر الذي يهدد كل الاتجاهات التنموية في البلاد؛ إذ توضح الإحصاءات الصادرة عن منظمة اليونسكو أن نسبة الأمية في العالم كانت عام 1970م حوالي 34،2 %، انخفضت في عام 1980م إلى نسبة أمية عالمية تبلغ 29%، بينما تمثل الأمية الأبجدية في أوروبا حوالي 3،6 %في الوقت الحالي وتكاد أن تنعدم تقريبا في الولايات المتحدة وكندا واليابان.

وتظهر مشكلة الأمية بحجم أكبر في البلاد النامية وفي الوطن العربي، فقد بلغت نسبة الأمية عام 1970م حوالي 73% من مجموع السكان الذين يبلغون من العمر 15 عاما وما فوق، وفي عام 1980م قدرت إحصاءات هيئة اليونسكو نسبة الأمية في الدول النامية بحوالي 59،9 %، وتراوحت نسبة الأمية بين 32،3% للذكور، و50،3% للإناث لفئات الأعمار خمس عشرة سنة فأكثر.

أخذت نسبة الأمية في الوطن العربي في الانخفاض حتى بلغت عام 1990م 48.7% واستمر انخفاض هذه النسبة إلى حوالي 40% عام 2000م، إلا أنه من أخطر التحديات التي تواجه الأقطار العربية هو دخولها القرن الحادي والعشرين بعدد من الأميين يتجاوز 69 مليونا، وذلك نتيجة للزيادة السكانية فقد كان عدد الأميين فيما مضى يبلغ 61 مليونا فقط.

لذلك اهتمت الدول النامية بمواجهة مشكلة الأمية من خلال برامج تعليم الكبار انطلاقا من وعيها بخطورة الأمية باعتبارها مشكلة معقدة ترتبط بمعظم المشكلات الاقتصادية والسكانية والصحية، مما يشكل عائقا معطلا لجهود التنمية الشاملة والتي لم تعد قاصرة على تنمية رأس المال البشري، ولعل أحد العوامل التي يرجع إليها بطء النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي في بعض البلاد العربية هو عدم استغلالها لمواردها البشرية رغم كثرتها- بل تزايدها زيادة سريعة- الاستغلال المناسب، إن هذه الموارد مازالت تعاني من الأمية، ومن نقص في المهارات الفنية الحديثة ومن التكيف مع الاتجاهات الجديدة التي يعيشها المجتمع.

كما اهتمت الدول النامية بمواجهة مشكلة الأمية بوصفها حرمانا للإنسان من حقوقه الأصلية التي أكدتها المبادئ الواردة في المادتين 26، 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تحدد وتكفل حق الفرد في التعليم، وفي أن يشترك اشتراكا حرا في الحياة الثقافية والفنية والعلمية، و بالمبادئ الواردة بالمادتين 12، 15 من الميثاق الدولي الخاص بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ومع مطلع القرن الحادي والعشرين أصبح تعليم الكبار يهتم بالفرد وتنمية جوانب شخصيته ويغطي كل فئات المجتمع على اتساعه، كما أصبح يشمل كل ما يستحق التعليم كمحو الأمية والتربية الأساسية والتعليم المهني والتدريب أثناء العمل لرفع الكفاية المهنية للفرد، وبذلك يكون لتعليم الكبار دور فعال في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع.